سورة الأنفال - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{إن شرَّ الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون}.
{الذين عاهدت منهم...} الآية. وذلك أنَّهم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانوا عليه مشركي مكَّة بالسِّلاح، ثمَّ اعتذروا وقالوا: أخطأنا، فعاهدهم ثانيةً فنقضوا العهد يوم الخندق، وذلك قوله: {ثمَّ ينقضون عهدهم في كلِّ مرَّة وهم لا يتقون} عقاب الله في ذلك.
{فإمَّا تثقفنَّهم في الحرب} فإن أدركتهم في القتال وأسرتهم {فشرد بهم مَنْ خلفهم} فافعل بهم فعلاً من التَّنكيل والعقوبة يفرق به جمعُ كلِّ ناقضِ عهدٍ، فيعتبروا بما فعلت بهؤلاء، فلا ينقضوا العهد، فذلك قوله تعالى: {لعلهم يذكرون}.
{وإمَّا تخافنَّ من قوم} تعلمنَّ من قومٍ {خيانة} نقضاً للعهد بدليلٍ يظهر لك {فانبذ إليهم على سواء} أَي: انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه؛ لتكون أنت وهم سواءً في العداوة، فلا يتوهموا أنَّك نقضت العهد بنصب الحرب، أَيْ: أعلمهم أنَّك نقضت عهدهم لئلا يتوهَّموا بك الغدر {إنَّ الله لا يحبُّ الخائنين} الذين يخونون في العهود وغيرها.


{ولا تحسبنَّ الذين كفروا سبقوا} وذلك أنَّ مَنْ أفلت من حرب بدرٍ من الكفَّار خافوا أن ينزل بهم هلكة في الوقت، فلمَّا لم ينزل طغوا وبغوا، فقال الله: لا تحسبنَّهم سبقونا بسلامتهم الآن ف {إنهم لا يعجزون} نا ولا يفوتوننا فيما يستقبلون من الأوقات.
{وأعدوا لهم} أَيْ: خذوا العُدَّة لعدوِّكم {ما استطعتم من قوة} ممَّا تتقوون به على حربهم، من السِّلاح والقسي وغيرهما {ومن رباط الخيل} ممَّا يرتبط من الفرس في سبيل الله {ترهبون به} تخوِّفون به بما استطعتم {عدو الله وعدوكم} مشركي مكَّة وكفَّار العرب {وآخرين من دونهم} وهم المنافقون {لا تعلمونهم الله يعلمهم} لأنَّهم معكم يقولون: لا إله إلاَّ الله، ويغزون معكم، والمنافق يريبه عدد المسلمين {وما تنفقوا من شيء} من آلةٍ، وسلاحٍ، وصفراء، وبيضاء {في سبيل الله} طاعة الله {يوف إليكم} يخلف لكم في العاجل، ويوفَّر لكم أجره في الآخرة {وأنتم لا تظلمون} لا تنقصون من الثَّواب.
{وإن جنحوا للسلم} مالوا إلى الصُّلح {فاجنح لها} فملْ إليها. يعني: المشركين واليهود، ثمَّ نسخ هذا بقوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} {وتوكَّل على الله} ثق به {إنَّه هو السميع} لقولكم {العليم} بما في قلوبكم.
{وإن يريدوا أن يخدعوك} بالصُّلح لتكفَّ عنهم {فإنَّ حسبك الله} أَيْ: فالذي يتولَّى كفايتك الله {هو الذي أيدك} قوَّاك {بنصره} يوم بدرٍ {وبالمؤمنين} يعني: الأنصار.
{وألف بين قلوبهم} بين قلوب الأوس والخزرج، وهم الأنصار {لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألَّفت بين قلوبهم} للعداوة التي كانت بينهم، {ولكنَّ الله ألف بينهم} لأنَّ قلوبهم بيده يُؤلِّفها كيف يشاء {إنَّه عزيز} لا يمتنع عليه شيء {حكيم} عليمٌ بما يفعله.
{يا أيها النبيُّ حسبك الله...} الآية. أسلم مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وثلاثون رجلاً، وستُّ نسوةٍ، ثمَّ أسلم عمر رضي الله عنه، فنزلت هذه الآية، والمعنى: يكفيك الله، ويكفي من اتَّبعك من المؤمنين.


{يا أيها النبيُّ حرِّض المؤمنين على القتال} حُضَّهم على نصر دين الله {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} يريد: الرَّجل منكم بعشرة منهم في الحرب، {وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنَّهم قومٌ لا يفقهون} أَيْ: هم على جهالةٍ، فلا يثبتون إذا صدقتموهم القتال خلاف مَنْ يقاتل على بصيرةٍ يرجو ثواب الله، وكان الحكم على هذا زماناً، يُصابر الواحد من المسلمين العشرة من الكفَّار، فتضرَّعوا وشكوا إلى الله عزَّ وجلَّ ضعفهم، فنزل: {الآن خفف الله عنكم} هوَّن عليكم {وعلم أنَّ فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين}. فصار الرَّجل من المسلمين برجلين من الكفَّار، وقوله: {بإذن الله} أَيْ: بإرادته ذلك.
{ما كان لنبي أن يكون له أسرى...} الآية. نزلت في فداء أسارى بدر، فادوهم بأربعة ألاف ألف، فأنكر الله عزَّ وجلَّ على نبيِّه صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: لم يكن لنبيِّ أن يحبس كافراً قَدَر عليه للفداء، فلا يكون له أيضاً حتى يُثخن في الأرض: يُبالغ في قتل أعدائه {تريدون عرض الدنيا} أي: الفِداء {والله يريد الآخرة} يريد لكم الجنة بقتلهم، وهذه الآية بيان عمَّا يجب أن يجتنب من اتِّخاذ الأسرى للمنِّ أو الفِداء قبل الإِثخان في الأرض بقتل الأعداء، وكان هذا في يوم بدر، ولم يكونوا قد أثخنوا، فلذلك أنكر الله عليهم، ثمَّ نزل بعده: {فإمَّا منَّاً بعدُ وإمَّا فداءً.}

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6